إضاءات





ريشة من جناح الذل :

فهد عافت شاعر يحرض دوما على الاختلاف .. والاختلاف في نظري سجادة البقاء .. وأن تحرض على اختلاف فأنت كائن حي .. تتنفس بعمق .. وتفكر بعمق .. وتكتب بعمق .. وأنت بالتالي خارج السياج .. تقتات الهواء.. وتستمخ الفكرة .. وتهرب عن الضوضاء .
منذ أمد .. عرفنا هذا الطريق .. واعترفنا بأنه الأسوأ .. لكن ليس غيره طريق .. منذ زمن أنشأنا محاكم وسجون ومعتقلات ـ هي معادل فني لما داخل ذواتنا .. عشنا حقبات غرستها فينا ثقافة لا تستمد أصولها من الثابت الذي نؤمن به جميعا ونعتبره في خصوصياتنا مما لا تهز فيه رياح التغير على اعتبار أنه رسم إلهي لنسقنا الحياتي .. وإنما هي في فلك المتغير المفتوح .. تكبلنا بهكذا ثقافة فأتت عطاءاتنا الحضارية منساقة للسيد الثابت .. نحن الأمة الوحيدة التي لها قوالب في كل شيء .. ونعتبر ما تمرد على هذه القوالب منبوذا في زبالة التاريخ .. وأنا هنا لا أحرض على التجاوز بصورته المطلقة ولكن أحرض عليه كمجال يفترض أن يشيع بيننا ونتعاطاه في الكثير من عطاءاتنا الفكرية ونتاجاتنا الفنية تحديدا .
فهد عافت عانى كثيرا من تمرده على نسق الذائقة ( أنا الذابل ما بين الميكرفون ورغبة الجمهور ) ..
فهد بدأ بدايات الشاعر البسيط من خلال ما ينشر له في جريدة ( السياسة ) خلال ماقبل وما بعد 1985 .. لكن تجربته تفتحت بتجاوز غير معهود وغير متنام .. حتى أصبح ظاهرة متفردة وسياق من سياقات التجديد المتميزة كتب ووقف عند نهجه وحاكاه الكثيرون ، متجاوزا بذلك مرحلة ( عيون المها بين الرصافة والجسر
.. ).. لكنه كان يسافر بصمت .. حتى حط بنصه ( فتنة الحفل ) 1989 فكان نقطة تحول بالنسبة له كشاعر وبالنسبة لنهجه واتكائه الفني ، بالنسبة له كشاعر أسس لنص يلامس السائد ويتجاوزه وبالنسبة لنهجه وضع المفاتيح الأولى للاتكأ عن طريق ( التضاد ) و التضاد كنهج ليس بالجديد الذي ابتدعه فهد عافت .. الشعراء قديما نهجوه وتركز أكثر ما تركز ـ في تصوري ـ عند المتنبي .. ولا تجد في الغالب بيتا أو مقطعا من الشعر بقي في أذهان الناس دون أن تجد للتضاد مساحة للركض فيه .. مضطر إلى أن أسرد عليكم فتنة الحفل ولاحظوا مافيها من متضادات وما في حكمها:


فـتـنـة الـحـفـل زيـــدي مشـيـتـك بـخـتـره...كــل خـطـوة بــروق وكــل لفـحـه صـهـيـل
بـاقــي بـيــن عـقـلـي والـجـنـون شـعــره...اقطعـيـهـا ياشـيـنـه عـاشــق مـــو هـبـيـل
خـلـي الارض تـاخـذ شـكــل غـيــر الـكــره...خـلـي الـنـار تـاخـذ رمــز غـيــر  الفـتـيـل
مـن غـدى اللـيـل شـعـرك قـلـت انــا بسـهـره...ومـن غـدى الصبـح وجهـك قـلـت مـالـي مقـيـل
ارقـصـي بـيــن حـــد الـذنــب  والمـغـفـره...ارحلـي فــي سكـونـك واسكـنـي فــي الرحـيـل
ارجفـي كنـك الـمـاء فـززتـه  حـجـره... واثبتـي كنـك الفـضـه بعـيـن  البخـيـل
وانحنـي مثـل غصـن فـي طرفـه  ثمـره...واوقفـي مثـل فزعـات بــدوي  اصـيـل
والـفـحـي علمـيـنـا كـيــف تـقــدر  مـــره...تزرع الليـل صبـح وتـزرع الصبـح  ليـل
فـــي عـيـونـك ســـواد يستـحـيـل اخـــره...كـامــنً فـــي بـيــاضٍ اولـــه يسـتـحـيـل
واحـــد تـخـزريـن ومـــا يـجـيـك خـبــره...اشهـد انـه عزيـز واشهـد انــه  ذلـيـل
اتـرك العـقـد بـيـن الـجـد والغشـمـره ... يخبـر الـنـاس وش معـنـى جمـيـل فــي جمـيـل
كــن فــي الـصـدر ظـبـي عيونـنـا تـذعــرة...ينتـفـض يـذعــر الـــي مذعـريـنـه  قـبـيـل
ومـفـرق الـصـدر حـبـات الـعــرق  تـجـهـره...كــن لــك عـقـد در وعـقـد مــن  سلسـبـيـل
بينـهـم حـسـد ربــي بـعــد مـــا صـــوره...عـقـد وده يـجـف وعـقـد وده  يسـيـل
آآه ولا لمـحـتـك مـقـبـلـه مــدبــره...شـفــت مـثـلـي نـحـيـل زم حـمــل ثـقـيـل
دام ذا عــجــز وش لـلــنــاس  بـالـمـقــدره ... دام ذا خـصــر وش لـــي بالـخـواتـم  بـديــل
وسـط ثـوبٍ خيوطـه صمـت فـي ثرثـره...بـه قليـلٍ كثـيـر وبــه كثـيـرٍ  قلـيـل
كـل شـيء بجسـمـك يفضـحـه يسـتـره ...فيه فتنه قصير وفيه حشمة طويـل
كنـه المخطـي الــي يطـلـب  المـعـذره...وكنـه الدامـح الزلـه عـن الــي  يعـيـل
فـــي ردونـــه نـقــوش لـــه سـنـابـل ذره...الله اعـلـم لـــو ان الـريــح هـبــت  تـمـيـل
كــل شـــيء ونقـيـضـه فـيــك بالمـسـطـره...اقرب من النفس وابعد من المستحيل
كـنـك الـكـذب لـكـن مـاحـدٍ  ينـكـره...وكنـك الصـدق ولكـن مافـي يدينـا  دليـل
بـاشـت الـغـيـد زيـــدي مشـيـتـك  بـخـتـره...لاجــل اطــاول بحـرفـي شـامـخـات النـخـيـل
شـاعــر تـلـمـس ايـديـنـك عـلــى دفـتــره...تـغـرق فــي اوســط اوزانــه بـحـور الخلـيـل

لعلكم لا حظتم هذا الكم الكبير من المتضادات في شعر عافت .. والذي جعلني أسرد عليكم النص بهذه الصورة لأنني أعتقد بأن هذا النص أصبح في ما بعد منطلقا لتجاوزات فهد عافت وفتحا لفضائه الشعري وتجربته المتفردة ..
التضاد لعبة بسيطة لكنها لعبة خطيرة حين لا ترتكز على فكرة تنتسجها وتتأطر من خلالها .. هي بالتأكيد ليست لعبة لفظية نجترها فحسب .. إنها بناء متكامل استطاع فهد عافت أن يمسرحها ويجعلها حية تتحرك من خلال نصوصه . ( ولا روح من بعدها .. ولا قبلها من جسد ) .
في النظرة الأولى كأن النص لا يقول لنا شيئا غير أن يلفت أنظارنا / التضاد .. إلى الكلمات وما تسبح فيه من معان مبهره مستجيبة لتكويننا الذوقي ( وحدة البيت العضوية ) غير أنه أعمق بكثير في تكوينها الكامل ( الوحدة الموضوعية ) وهو البناء الذي ظلت قصائد فهد تتوشحه فيما بعد بدرجة التلاحم والتركيز المضغوط كما في ( كيمياء الغي ـ مدد .. أغنية لأيامها .. ) .
كيمياء الغي .. ( البرتـقـال الـلــي يـقـشـر عاشقـيـنـه ) :
كيمياء الغي نموذج لنص لا يشبهه نص في تجربة الشعر الشعبي .. أقل ما تقول عنه إنه نص حداثي .. وأجمل ما تقول عنه إنه نص تجاوز كل النصوص وظل ينتظرها هناك !
كيمياء الغي نص ينضوي تحت الفكرة ذاتها ( القديم والجديد ) بنفس التناول المعنوي الذي طرقه شعراء القصيدة الفصيحة .. عبد الصبور.. البياتي مثلا .. ويدرك أيضا فهد أن هذا النمط سيكون محط استهجان وتندر أكبر من ( أنا الذابل ما بين الميكرفون ورغبة الجمهور .. ) لكنه في هذا النص يريد أن ( يحيا ) .. أن يقول بعيدا عن سلطة القارئ والناقد .. والتي يرصدها هو من خلال النص ذاته :

مـــاعـــلـــى الـــنـــاقــــد
ســوى انــه يـاخـذ آخـــر كلمـتـيـن
وكــــل مــافــي الـســطــر الأول
والــــســــفــــيــــنـــــه
نــاقـــة الـبــحــر الـحـزيــنــه
بعدها يسفك ثلاث أربع عبارات ويثرثر في جريدة
مــــــــــو قـــصـــيــــدة !!

..
ولكن مع كل ذلك لم يجرؤ أحد أن يتناول تجربة فهد عافت أو هذا النهج بالتحديد بشيء من الاستهجان .. حتى وإن بدأت ( كيمياء الغي ) تستفزه دلاليا .. لكنها بالجملة ظلت تمتاح من وعائه الذهني بتواصل متبادل راجع فالرجل اتكأ على متكآت فنية عالية .. استوعب ولم يجتر الآخر أو يكون عالة عليه .. ظل يتفرد وحده فتميز بهذا البناء وحده .. تميز وتفرد الخطاب عند فهد ليس لأن لغته مضغوطة فحسب تستمد طاقاتها من إشاراتها وفضاءاتها المرصودة والمخلوقة .. ولكنه تميز أيضا في ما يسمى في تدمير ونسف اللغة عن طريق حشد الإمكانات المتعددة للدلالة ( عرض تجربة مألوفة في ضوء غير مألوف ) .
كيمياء الغي / حي المنازل تحية مد :
لعل السمة التي تطرز نصوص فهد هي سمة مسرحة النص ونقله من (نص مكتوب ) إلى (نص معروض ) يستمد حياته من خلال الحركة والشخصيات والصراع المبني على ( التضاد ) .. أعتقد أن فهد له تجربة مسرحية عالية انعكست بالتالي على أسلوب العرض النصي عنده .. للدرجة التي تستطيع معها أن تذيل قصيدته بإخراج فهد عافت .. ثم يبدأ العرض من جديد .. وكأن القصيدة مجموعة من الدوائر التي لا تلبث أن تنتهي حتى تبدأ من جديد وبعرض جديد متكئ على ذهنية القارئ نفسه .. وفي نص كيمياء الغي وما في سياقه من تجارب فهد التي تجاوزت حد الشكل إلى المملوء الأدبي والفني أعتقد بأنه أظفى على النص ـ لا بوصفه شعبياً فحسب ـ حياة جديدة استطاعت أن تتكئ على الراهن بمفهومه الواسع وتنطلق تختزله جملة جملة .. كما تختزل ( المغنية الصلعاء مثلا ) كل التغاريد .. وكما تمددت ( الأرض اليباب ) على حصيرة الأشياء برؤية أقرب ماتكون لرؤية بيكاسو للفن على أنه يشبه تغريدة الطيور نستمتع به ونفهمه من الداخل لكننا لا نعرف بأي لغة هو .. ومع أن فهد شاعر معاني من الدرجة الأولى .. كثيرة هي المعاني المبتكرة والجديدة والمبهرة في شعر فهد ؛ خصوصاً في تجاربه الجديدة .. غير أن هذه النزعة تجدها حتى في نصوصه التقليدية .. فهد يتكئ على على الموروث ويعيد تشكيله من جديد وبروح جديدة فمن ظاهره التقليد وفي باطنه ( العذب ) :


قصيدتـي لاغـدى  ضيّـي
شحيـح وارتبكـت يديـنـي
وتعثـرت بـي خطـاويـي
ولاعـاد رايــي يقديـنـي
وصرت أطلب الصاحب يعيّي
ماغيـر بعديـن  بعديـنـي
وتنكرولـي بـنـي خـيـي
واستسهلـونـي  معاديـنـي
والمـوت ماعـاد متهـيـي
والعمـر ماعـاد  يمديـنـي
تكفيـن لايابـعـد  حـيـي
ظلـي مـعـي  لاتهديـنـي
ماكان لـك صاحـب زيـي
وشلـون اجيـك  وتردينـي
اما افزعي وانصفـي غيـي
ولا تـرى النـاس  مقدينـي

وبمعنى آخر كان شعر فهد محاورة للآخر وللزمان والمكان عن طريق تقرير الأسئلة المتتابعة المتشكلة من علائق تكوينه الخاص المتحفز المتوثب بصورة تصطخب فيها عناصر الثبات والحركة .. فهد كذاكرة شاعر مبدع تمور بالحقائق لكن لا كما يفهمها الناس وإنما كما ينبغي لها أن تفهم .. تاركا لخياله ورؤيته مهمة تشكيلها وتلمس ما يحفل به عالمها من جمال .
أثق تماما حينما تكون بحضرة فهد عافت ألا تكون ثرثارا أكثر مما ينبغي وألا تستقصي لتقول أن لفهد عافت تجاوزات دلالية كثيرة .. وأن لفهد عافت تلاعبات لفظية ممجوجة .. وتضمينات فصيحة تخرجك من السياق تضم شفتيك بالكاد فذلك مالم يقله أعتى مخالفوه .. القول الذي استطاعوا أن يقولوه ( فهد عافت أساء لنفسه ) وربما قالوا على استحياء ( لشاعريته ) .. لكنهم غير منصفين .. فهد شاعر كبير .. بحضرته يجب أن يتوقف الكلام وينصت لما يقول .
----------------------------------------------
ورطة و مزاج
فهد عافت
مرّ بي، قال:
للشعر، لابد من ورطة، ومزاج،
يغيب الشعر، حين يكون المزاج، في ورطة،
ويحضر، حين تكون الورطة، في مزاج!
مثلما أن المحارة، فيما لو دخلت، قلب حصاة،
تموت المحارة، ليس إلا،
غير أن الحصاة، فيما لو دخلت، قلب المحارة،
أثمرت: اللؤلؤة، وأحيت التوهّج!
لا بد للشعر، من تزاوج طمأنينة، بقلق،
وكل ورطة: قلق،
وكل مزاج: طمأنينة،
ولا قلق، دون: زمان،
ولا طمأنينة، دون: مكان،
الشعر، هو أزمنة مرتبكة، في أماكن آمنة،
لا تصح القبور، لكتابة الشعر،
فهي، بالرغم من كونها،
أكثر الأماكن: طمأنينة،
إلا أن أزمنتها ليست قلقة!
ولا تثمر الحروب، التي بلا معنى،
وأزمنة الصراعات، المتشظية، دون هدف،
شعرا جميلا، قادرا على الخلود،
فهي، بالرغم من كونها،
أكثر الأزمنة قلقا، وارتباكا،
غير أنها لا تتيح للمكان،
فرصة أن يكون في مأمن!
الشعر: سكون في الحركة،
وحركة في السكون،                  
*****************************************
             أولاً : ( مانشر بقلم فهد عافت )                   خارج السرب
                                                                     --------------
(حرام يا شيخ لو تقرا لي الكرسي... من طلعة الشمس لين الليل يدمسها
ما شفت بي جن لكنه مرض نفسي... العشق حاله ولاعن جد خامسها) !


شعره مثل طبخ البيت ليس فيه إبداع بقدر ما فيه عاطفة !والخلاصة أنه شاعر خارج السرب فعلا، واسم ديوانه الأول(خارج السرب)
أيضا، فالح الدهمان الظفيري، شاعر شاب شديد الجرأة ولا تنقصه الموهبة، يعيد لـ(هيجنة) البدو على (المواتر) لذتها؛ لأنه يعيد
الهيجنة إلى فطرتها الأولى، براءتها، والصفاء الداخلي، وسواء وافقت أشعاره هواك أم لا، فلا يمكن لك نكران أنه شاعر حاول أن يكون
(هو)لا (أنت) أن يعبر عن نفسه لا عنك، وأن ينقل واقعه بالطريقة التي يحبها، وقد صادف أن تكون هذه الطريقة هي الشعر في
الوقت الذي نقرأ لكثير من أهل الشعر الشعبي اليوم محاولاتهم لنقل الواقع الذي يحبون أن يكون عليه حالهم بالطريقة التي يتوهمون أنها
تعجب الآخرين!
وأقرب وصف لديوان فالح الدهمان، القول: إنه دفتر مذكرات خاصة، أضيفت إليه فيما بعد بعض الأوراق التي كان يعلم صاحبها، ويريد
ظهورها للناس.
كل قصائد الديوان مؤرخة ومحددة المكان باستثناء قصيدة واحدة هي قصيدة (القرآن والسنة)، ولعله فعل ذلك متقصدا، فالقصيدة وكما
يقول عنوانها تستحق الوقوف خارج الأزمنة والأمكنة غير هذه، فكل القصائد مصحوبة بإضاءات تشير إلى سنة الكتابة ولا تحديد لليوم
ربما حدد الشهر، ويكتفي غالبا بذكر الفصل شتاء أو صيفا، أما الأماكن فهو مولع بتحديدها قدر الإمكان، فهذه في (الخبر سوق الراشد
شتاء 2007)، وهذه في (حفر الباطن شمال الصنادق صيف 2001)، وهذه في(الكويت برج الحراسة شتاء 1995)وهكذا
والحقيقة أنني قرأت مقدمات كثيرة لدواوين وكتب، فلم أجد مقدمة جانبها الصواب مثل مقدمة الدكتور غسان الحسن لهذا الديوان، مجانبة
تثير الغيظ، وتؤسس لريبة حقيقية في تعامل الدكتور مع الشعر، يقول: (كثيرا ما نقرأ في مقدمات دواوين الشعر تعريفا ببيئة الشاعر
الخاصة والعامة، وما أحاط بقصائده من مكان وزمان وتجربة حياة، وتوصيفا لظروف معيشته، كل ذلك تمهيدا لدخول القارئ إلى القصائد،
أما في مقدمة ديوان الشاعر فالح الدهمان الظفيري فإنني أزعم أن مثل هذه التعريفات والتوصيفات سيكون ضربا من الحشو والتزيد)،
وأقول وأجري على الله: إن هذا الكلام هو الحشو والتزيد (بعينه وعلمه)!
كذلك يمكنني تسجيل تحفظ كبير على صورة غلاف الديوان، وأنصح جادا بتغييرها في الطبعة الثانية، فقد حاول مصمم الغلاف تطبيق معنى
الاسم حرفيا، فصور الشاعر محلقا في الهواء الطلق فاردا ذراعيه،مغمض العينين، هانئا، مع رسوم لحمائم طائرة تبدو أصغر من صورة
الشاعر بكثير، والعيب ليس فقط في أن الحمائم والشاعر يحلقون في نفس السرب!، ولا في أن تحليق الشاعر في الهواء لم يؤثر ولو بهفهفة
بسيطة على الثوب أو الشماغ، دعك من ضرورته لتطيير العقال أصلا!، لكنه أكبر من ذلك، فالإيحاء العام ظهر ساذجا، ومضحكا، والفرق بين
الغلاف والمحتوى هو نفسه الفرق بين السذاجة والبراءة، لكننا قطعا لن (نخاصم)طفل الحمام الحزين الذي جمع أوراقه وأهدانا ديوانه الأول:
(خارج السرب)لمثل هذه الأسباب الواهية:
(ماني مخاصمها على شأن بوسة  ... بكرة تروق وتشتهي مني البوس)!